منوعات

غياب ثقافة الاعتذار في الأسرة يشوّه نفسية الأبناء

تأثير الاعتذار في تربية الطفل وبناء ثقته الداخلية

ينشأ الإنسان داخل بيئة أسرية تلعب دورًا محوريًا في تشكيل ملامح شخصيته وتحديد سلوكياته وطريقة تفكيره وتفاعله مع العالم. ومن بين المفاهيم التربوية العميقة التي غالبًا ما تُهمل، رغم أثرها البالغ، تأتي ثقافة الاعتذار داخل الأسرة، والتي تشكّل عنصرًا جوهريًا في بناء شخصية سوية ومتصالحة مع الذات والآخرين.

في كثير من البيوت، يعتقد بعض الآباء أن الاعتذار لأبنائهم يضعف من هيبتهم أو ينتقص من مكانتهم، ويتصرفون وكأنهم معصومون من الخطأ، أو أن عليهم دائمًا أن يظهروا بصورة “الكامل الذي لا يخطئ”، مما يُرسخ في ذهن الطفل أن الاعتراف بالخطأ أمر غير مقبول أو غير ضروري.

ووفقًا لما نشره موقع Yourtango المتخصص في العلاقات النفسية والاجتماعية، فإن غياب هذا النموذج التربوي الصحي له انعكاسات طويلة الأمد على شخصية الطفل بعد البلوغ، ويؤدي إلى مشكلات نفسية وسلوكية عديدة.

أبرز السمات النفسية للبالغين الذين لم يتلقّوا اعتذارًا من والديهم:

صعوبة تقبّل اعتذار الآخرين: الطفل الذي لا يسمع عبارة “أنا آسف” من أقرب الناس إليه، يكبر وهو لا يعرف كيف يتفاعل مع الاعتذار، وقد يشكك في نوايا الآخرين أو يشعر بأن الاعتذار لا قيمة له.

انعدام الثقة في الآخرين: غياب الاعتذار يعني غياب نموذج للمصالحة، مما يجعل الطفل غير قادر على بناء علاقات متينة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.

صعوبة الاعتراف بالخطأ: من لا يرى والديه يعترفون بخطئهم، يظن أن الخطأ ضعف، فيكبر وهو غير قادر على مواجهة عثراته أو التعلّم منها.

السعي للكمال بشكل مرهق: يتكون لدى الطفل تصور أن الخطأ عيب، فيسعى جاهدًا للكمال مما يضعه تحت ضغط دائم ويؤثر على صحته النفسية.

انخفاض تقدير الذات: عندما لا يسمع الطفل اعتذارًا عن أذى لحق به، ينشأ بإحساس داخلي بعدم الاستحقاق أو الأهمية.

المبالغة في الاعتذار: بعض الأشخاص يعوضون غياب الاعتذار في طفولتهم باعتذارات مبالغ فيها في الكبر، حتى إن لم يكونوا مخطئين.

إرضاء الآخرين على حساب النفس: لتجنب الصدام، يلجأ البعض إلى تهميش احتياجاتهم وإرضاء من حولهم بشكل مبالغ فيه، مما يهدد توازنهم النفسي.

في التربية السليمة الاعتذار يُعلّم التواضع ويزرع الثقة

ثقافة الاعتذار لا تضعف الهيبة بل تعزز الاحترام. حين يرى الطفل والديه يعتذرون، يتعلّم أن القوة الحقيقية تكمن في تحمل المسؤولية، والقدرة على الإصلاح، والتواصل الإنساني السليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى