منوعات

خبير استيراتيجي: سلاسل التوريد السبب الرئيسي وراء زيادة الأسعار بعد كورونا

أزمة سلاسل التوريد العالمية وآثارها التضخمية على الاقتصاد العالمي أصبحت عنوانًا للوضع الاقتصادي الراهن في العالم، وأرجحت  التفسيرات أن الأزمة ناتجة من تعافي الطلب العالمي بعد تراجع الإغلاق الذي سببه وباء (كوفيد-19)، وعدم قدرة منظومة الاقتصاد العالمي على تلبية الزيادة في الطلب.

تنافس شرس على صفقات

 

أزمة سلاسل التوريد العالمية وما ينتج عنها، تعتبر أزمة جديدة من نوعها ولم تحدث قبل ذلك، وظهرت مرتين، مرة في بداية أزمة كورونا وما صاحبها من إجراءات إغلاق لعدد من الدول، وتعطل الاقتصاد جزئياً وتضررت حركة البضائع والأفراد على نحو واضح، وهذه المرة كانت مفهومة وأسبابها مباشرة وواضحة.

والمرة الثانية هي التي نعيشها حاليا عندما بدأ التحسن في الوضع الصحي من الوباء وتراجع الإغلاق في كثير من الدول مع ظهور اللقاحات ، وهو عكس ما حدث في المرة الأولى، حيث ان انتشار اللقاح أنتج طفرة في النمو الاقتصادي عالمياً، حيث تم الصعود  تقريبا من الصفر، فارتفع الطلب على نحو كبير على الغاز والبترول والمعادن والطعام، فحدث طفرة حقيقية  في الطلب، والمعروض ليس بنفس الحجم.

وهذه الطفرة صاحبها أيضا تنافس شرس على صفقات ما بعد كورونا، لأن الفترة السابقة عليها تسببت في خسائر كبيرة، وكان هناك بالفعل شحنات كبيرة من وقت الأزمة، وبالطبع أنتج هذا ارتفاع في الطلب على البترول والغاز فارتفعت أسعار الطاقة، وهو ما رفع بدوره تكلفة الشحن.

كما أن أزمة سلاسل التوريد لا تؤثر فقط على البضائع النهائية، ولكنها تؤثر بطبيعة الحال على السلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج، وهو ما يؤدي بدوره لتراجع العرض ويجعل الأزمة تتفاقم، ومن هنا تأتي طبيعة الأزمة من حيث شمولها لكافة السلع، وشمولها للعالم.

أزمة مصنوعة

رغم تلك الأسباب،  من الممكن أن يتم اعتبار الأزمة في جانب منها مصنوع،وليس حقيقي، مثلاً الدول المصدرة للطاقة تستغل الأزمة لتحقيق أهدافها سواء الاقتصادية أو السياسية، فروسيا مثلاً تسعى لتصدير الغاز مباشرة لأوروبا عبر ألمانيا، كبديل لخط الغاز الذي يعبر أوكرانيا وبولندا، وهو ما ينتظر موافقة الاتحاد الأوروبي، والظرف الآن مناسب للحصول على تلك الموافقة وتحقيق هدف روسي، خاصة مع تراجع استخدام الفحم والتوجه للغاز وهو ما يجعل لروسيا ثقل استراتيجي أكبر في الفترة المقبلة. كما ان دول الخليج المنتجة للبترول أيضا تستغل الأزمة الراهنة لجني أرباح أكثر.

و الارتفاعات الحالية في الأسعار الناتجة عن أزمة سلاسل التوريد ستؤدي بالضرورة لانكماش الطلب، وهي دورة اقتصادية تقليدية، فمثلا الارتفاع الكبير في أسعار البترول سيؤدي للتوسع في إنتاج البترول.

وهذا ما يؤكد  أن أزمة الطاقة مصنوعة، والولايات المتحدة بالذات هي المستفيد الأول من تلك الأزمة، فقطاع النفط الصخري الأميركي لا يمكنه أن يعمل عند أقل من 45 دولار للبرميل، ستكون التكلفة غير اقتصادية إذا انخفض عن ذلك، وبالتالي قد ينهار مخلفا حوالي 300 مليار دولار استثمارات وقروض من البنوك، ولذلك من مصلحة أمريكا دفع الأسعار للارتفاع والحفاظ على الأزمة، حتى لو تناقض هذا الهدف مع قطاع من المستهلكين والمنتجين في أمريكا، ولكن إعادة إحياء قطاع النفط الصخري الأمريكي له أولوية، كذلك التنافس الأمريكي مع روسيا في قطاع الطاقة”.

تعويض الخسائر

أحيانا يكون هناك ارتفاع في الأسعار رغم انخفاض الطلب، وهو ما حدث في وقت كورونا، المستهلكون يفضلون الاحتفاظ بالسيولة في لحظة الأزمة، في حالة من هذا النوع الطلب يتراجع، وبالتالي يحدث أزمة في سلاسل الإمداد غير واردة وعادة تكون مصنوعة، وأحيانا رغم انخفاض الطلب ترتفع الأسعار، وهو الركود التضخمي كما يطلق عليه في الاقتصاد.

وتم الوصول لنقطة سيئة  في 2020 بسبب الوباء والإجراءات المصاحبة له، والصعود بعدها يمكن أن يحدث ارتباك بالطبع، ولكن الصعود بعد الأزمة كما هو حادث ينتج أيضا ارتفاع أسعار نتيجة تضرر المنظومة الإنتاجية خلال فترات الأزمة، ومع النهوض قد لا تلتئم منظومة الإنتاج لتلبية الطلب الجديد، كما أنه مع التعافي تزيد الرغبة في تعويض الخسائر السابقه، لذا فجزء من صناعة الأزمة الحالية هو الاتجاه لتعويض خسائر 2020″.

مدى هذه الأزمة لن يكون علي المستوي البعيد، فغالبا ستنتهي قبل العام المقبل، عادة الأزمات المصنوعة تنتهي سريعا، لأن هناك من يسعى للرفع من قدرته على تقديم البدائل، وهو ما يزيد المنافسة ويدفع لإنهاء الأزمة.

لقد أدي ارتباك سلاسل التوريد العالمية في الفترة الماضية إلى  حدوث موجة تضخمية في العالم، تهدد بالتوجه لرفع أسعار الفائدة في اقتصاديات العالم، وهو ما يهدد الأسواق الناشئة بفقدان قدرتها التنافسية على جذب الاستثمارات في أدوات الدين.

نرشح لك: خبير التخيطط الاستراتيجي «أحمد الشعراوي» ضيف برنامج صباح الدلتا يوم الجمعة المقبل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى